الذكاء الاصطناعي في المدرسة، هو مجال ناشئ يهدف إلى تطوير وتحسين عملية التّعليم والتّعلم، بإستخدام التكنولوجيا والبرمجيات الذكيّة، ويتيح الذكاء الاصطناعي للمعلّمين والمتعلّمين فرصًا جديدة للتفاعل والتعلم الفعال بأقل وقت ممكن.
وتتنوع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال التربية والتعليم، وتشمل العديد من المجالات المهمّة، على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير برامج تعليمية مخصصّة لاحتياجات كل متعلم على حدة، مما يسمح له بالتعلم وفقًا لوتيرته الخاصة، كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين تقويم المتعلم وتوفير ردود فعل فورية ومخصصّة لتقدمهم.
بالتأكيد إنه بفضل تكنولوجيا الذّكاء الاصطناعي، يمكن توفير منصّات تعليميّة افتراضيّة متطورة توفّر تجارب تعلّم تفاعليّة ومشوقّة، ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك المتعلم وتوفير توجيهات فردية لتحسين تجربتهم التعليميّة، كما يستخدم التعلم الآلي لتطوير نماذج تعليميّة متقدمة تستجيب لاحتياجات جميع المتعلمين دون تفرقة أو تمييز بين لون أو عرق أو جنس، وتعزز تفاعلهم وتفكيرهم النقدي.
ومع ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار التحديات التي تواجه تطبيق الذكاء الاصطناعي في المدرسة، مثل توفير البنية التحتيّة المناسبة والتدريب المناسب للمعلمين، يجب أن يكون هناك توازن بين الاستفادة من التكنولوجيا والحفاظ على العنصر البشري في التعليم أي المعلّم الفعّال الذي يدير هذه العملية بإحساس ودراية عالية بعلم نفس النمو، ذاك المعلم الذي كاد أن يكون رسولا، بالتضحية والتفهم والإصغاء والتوجيه والمشاركة والحب.
إذ، على الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي في التعليم والتعلم، إلا أنه يوجد بعض النقاط السلبية العامة التي يجب أن نناقشها. ونذكر منها:
فقدان العنصر البشري: قد يؤدي الاعتماد المفرط على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في التعليم إلى فقدان العنصر البشري، مثل الأستاذ والتفاعل الشخصي بين المعلم والمتعلم، وقد يؤثر ذلك سلبًا على عملية التعلّم والتفاعل الاجتماعي بين أقطاب العمليّة التعليميّة التعلمية خلال الوضعيات اليوميّة.
قضايا الخصوصيّة: قد ينشأ قلق بشأن الخصوصيّة والأمان عند استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، فالتقنيات الذكية يجب أن تجمع وتحلل كميّات ضخمة من البيانات الشخصيّة للمتعلمين، وهذا يتطلب ضمان حماية البيانات ومعالجتها بطرق آمنة وملائمة.
عدم التكيّف الكامل: قد يواجه الذكاء الاصطناعي صعوبة في التكيف مع احتياجات وأساليب التعلم المتنوعة للمتعلمين، فقد توفر التقنيات الذكية تجربة تعلم جيدة لبعضهم، لكنها قد تكون غير فعّالة لآخرين الذين يفضلون أساليب تعليميّة مختلفة، أو لديهم صعوبة تعلميّة معينّة.
تحديات التدريب والتحضير: لاستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال في التعليم، يتطلب التدريب والتحضير المناسب للمعلمين وللهيئة التعليمية. قد يكون هناك صعوبة في توفير التدريب المستمر والدعم اللازم للتعامل مع التقنيات الجديدة في بعض الدول العربيّة تحديدًا، ومنها لبنان، الذي بات نظامه التّربوي يعاني من الثّغرات في الآونة الأخيرة متأثرًا بالأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي عصفت في الكيان التّربويّ ونظامه.
تفاقم الفجوة التكنولوجيّة: قد يؤدّي توفّر الذكاء الاصطناعيّ في التّعليم إلى تفاقم الفجوة التكنولوجيّة بين المدرسة والمتعلّم والأهل، فقد لا تكون المدارس في المناطق النائية أو الأقل تطورًا قادرة على الاستفادة من التقنيات الذكيّة بنفس الطريقة التي تفعلها المدارس الأكثر تقدمًا وذات إمكانيّة، كما أوضاع الأهل الاقتصاديّة ودرجات تطور مهاراتهم ومدى ملاءمتها للتكنولوجيا المعاصرة وتواحد الأجهزة الميسرة أو توافر شبكة الإنترنت عندهم، قد تكون معيقة لتنفيذ العملية بعدالة وبنفس الجودة عند جميع المتعلمين دون استثناء.
نخلص أن نكون حذرين ومتزنين في استخدام التكنولوجيا والذّكاء الاصطناعيّ في عمليّة التعلّيم والتعلّم، خصوصًا في الدّول العربيّة ذات الإمكانات الاقتصاديّة المحدودة (لبنان نموذجا)، مراعين حقوق المتعلمين وحاجاتهم وامكاناتهم الماديّة وقدارتاهم الشخصيّة وظروفهم الحياتيّة؛ دون أن نسمح للألة أن تحلّ مكان الإنسان في عملية إنسانية أساسيّة، لا يمكن أن تتخطى خوالج الشعور ومراعاة الفروق الفرديّة والظروف الإنسانية في كل وضعية منها.
في الحقيقة يجب كتربويين أن نعترف بالفوائد التي يمكن أن يوفرها الذكاء الاصطناعي، وفي الوقت نفسه نحترم العنصر البشري ونتجنب الآثار السلبية المحتملة والاّ استبدل المعلم بآلة…
من الجوانب الأخرى، يساعد الذكاء الاصطناعي على تحليل كميّات ضخمة من البيانات التعليميّة، مما يمكّن المعلمين والمشرفين من اتخاذ قرارات أفضل وتحسين نتائج التعلّم، المدرسة المتطورة والمرحّبة للتكنولوجيا الذكيّة تعتبر الذكاء الاصطناعي حجر بداية لتحضير نماذج تعليميّة قائمة على الألعاب الإلكترونية والمحاكاة باستخدام الحاسوب أو التطبيقات المناسبة، لتوفير تجارب تعلم شيقة ومفعمة بالحيوية في الحصص التعليمية بغض النظر عن المادة أو المضمون، فلكل هدف يتم تصميم أداة تسهم في تحققه وتنفيذه.