لماذا لا نختار الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري؟

20 يوليو 2023 65 5.0

بدأ الحديث في الآونة الأخيرة عن موضوع الذكاء الاصطناعي. حتى أصبح موضوع شائك بقصد أو من غير قصد وهاجس مهم لجميع العاملين في القطاعات المختلفة، وذلك لما دار حوله من مواضيع حساسة، منها أنه قد يحل محل الأيدي العاملة بحلول عام 2029 .كما كثر الحديث عن أنه قد يدفع حلوله في المؤسسات المختلفة إلى الاستعاضه عن العنصر البشري بالذكاء الاصطناعي. وقد أسميته بالذكاء للاحساس كون أداه ذهنيه لا تحمل أي مشاعر سوى ما يتم تلقيمه للكمبيوتر والآلة .


ما هو مفهوم الذكاء الاصطناعى  ؟

لنفهم أكثر مفهوم الذكاء الاصطناعي، دعونا نتدرج أولاً في  التركيب اللغوي  لهذا المصطلح. فالذكاء بشكل عام يعرف بأنه القدرة على التعلم من التجربة والتكيف مع البيئات وتشكيلها واختيارها.

أما مفهوم الذكاء الاصطناعي ككل. فيعرف بأنه  قدرة الآلة أو الكمبيوتر على تقليد السلوك البشري الذكي. من خلال الذكاء الاصطناعي، يمكن للأجهزة تحليل الصور، وفهم الكلام، والتفاعل بطرق طبيعية، وإجراء تنبؤات باستخدام البيانات.

دراسة الذكاء الإنساني الحديثة تاريخها يعزى إلى عمل تشارلز سبيرمان، الذي درس الذكاء علمياً واقترح أنه يمكن فهمه في إطار قدرة عامة تتغلب على جميع المهام الفكرية. وقدرات محددة فريدة لكل مهمة فكرية معينة. تعود اختبارات الذكاء الحديثة إلى عمل ألفريد بينيه وثيودور سايمون، اللذين اقترحا النموذج الأساسي لمقاييس الذكاء.

ما هي بنية الذكاء البشري؟

وفي النظر لدراسات الذكاء الحديث ورغم اختلاف المدارس النفسية التي ألقت الضوء على كل ما يخص الذكاء وأنواعه. نستخلص أن بنية الذكاء البشري هو البراعة الفكريّة. والتي تتميّز بالوظائف المعرفيّة المعقّدة والمستويات العالية من الدوافع والوعي الذاتيّ. وهذا برأيي ما يميز هذا الذكاء عن الذكاء الاصطناعي (ذكاء الآلة).

الفرق بين الذكاء البشري والاصطناعي؟

العنصر الأول

فكما نرى أن الفرق الرئيسي بين الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري هو مناهج التعلم. فيعتمد الذكاء الاصطناعي على خوارزميات التعلم الآلي لتحسين أدائه. بينما يتشكل الذكاء البشري من خلال مزيج من القدرات الفطرية وخبرات التعلم مدى الحياة. فالوظائف المعرفية الموجودة فطرياً في الإنسان تجعل منه كائن يتأثر ويؤثر في البيئة المحيطة. مما يجعل من هذا الذكاء أداة قادره على التطور مما بشكل فردي وجماعي وباستمرار .

العنصر الثاني

العنصر الذي يجعل من الذكاء البشري أداة صعبة الفهم والمحاكاه تكمن في معجزة الدماغ البشرية التي أبدع في خلقها الله عز وجل. وهو الذي حير العلماء سواءً في التركيب والحجم وحتى في الأداء، حيث يتسم الدماغ البشري بقدرات هائلة. إلا أنه على الرغم من براعتنا العقلية الاستثنائية. فليس من السهل تفسير ما يجعل الدماغ البشري مميزًا لهذه الدرجة. إذ يصل وزن دماغ الإنسان إلى نحو 1.5 كجم، أيّ ما يعادل نحو ثُلث وزن دماغ الفيل وخُمس وزن دماغ حوت العنبر. أما الذكاء الاصطناعي فهو من صنع البشر وهنا يكمن الفرق فرغم إعجازية صنعه فهو لن يصل لقدرة الخالق في الإبداع والتكوين .

فرغم تطور الآلة والكمبيوتر وتميز طريقة عملها 

إلا أنها غير قادرة مثل البشر على استخدام الذاكرة فالذكاء الاصطناعي لا يستطيع  التفكير لحل المشكلات. فالدماغ البشرية  الأسرع في الاداء والأقدر على التكيف وإعطاء الاولويات والعمل على الوظائف الحيوية. أما الذكاء الاصطناعي يعتمد سلوكه بشكل أساسي على مجموع تعليمات وبيانات مبرمجة صممها العلماء .ولأكون منصفه في بعض المواضع يمكن للذكاء الاصطناعي التغلب على الذكاء البشري في بعض المجالات. فعلى سبيل المثال، تعدّ لعبة الشطرنج نشاطاً ذهنياً يختص به البشر. لكن تمكّن الحاسوب من التغلب على اللاعب البشري في لعبة الشطرنج. إذ يمتلك القدرة على حفظ وتوقّع جميع حركات اللاعب. كما يمكنه التحرّك 10 خطوات للأمام في اللعبة، لكن في نفس الوقت لا يمكن للحاسوب تخزين استرداد هذا العدد من الحركات في نفس لعبة الشطرنج .

ورغم أن البشر لا يسخدمون كل خلايا أدمغتهم في نفس الوقت كما ذكر العلماء.

حيث أن الدماغ يحتوي على العديد من المناطق المسؤولة عن وظائف مختلفة في الجسم. إلا أن الإنسان لا يستخدمها في الوقت نفسه، وإنما تنشط بدرجات متفاوتة بالاعتماد على نوع الوظيفة. مما يعني أن جميع مناطق الدماغ البشري ناشطة .وهذه ميزة أخرى تجعل من الدماغ البشري يتفوق على الالة والكمبيوتر.

أيضا من الميزات المهمه. أن الدماغ قادر على شفاء نفسه. فعندما يتعرض دماغ الإنسان لإصابة في فترة ما من حياته. فإن المناطق السليمة في الدماغ تعوض وظائف المناطق المتضررة.أما الالة والكمبيوتر لا تستطيع تعويض هذا النقص وتحتاج لتدخل بشري لحل أي مشكله تتعرض لها خاصه في الوظائف الاساسية .

فضل الكمبيوتر والآلة على الحياة البشرية بمنظور واسع؟

ورغم أني أميل بشكل كامل للذكاء البشري إلا أنني لا أنكر فضل الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي في حل كثير من المعضلات ومن ضمنها المشكلات الطبية التي تحتاج لدقة وسرعة في الاداء. إذ أن واجهات التفاعل بين الدماغ البشري والآلة أصبحت راسخة بالفعل على المستوى الإكلينيكي (السريري)، على سبيل المثال، في استعادة السمع عن طريق زرع قوقعة بالأذن. كما أصبح بوسعنا معالجة المرضى المصابين بمرض باركنسون في مراحله النهائية بالتحفيز العميق للمخ ( DBS ) وتشير تجارب حالية تجرى في مجال الجراحات الترقيعية العصبية إلى الاحتمالات الهائلة في المستقبل لإمكانية تنفيذ تدخلات مماثلة، سواء لترقيع شبكية العين أو زرع الخلايا الجذعية للمكفوفين أو أجهزة تسجيل نشاط المخ للسيطرة على الأعضاء الاصطناعية.


الذكاء الاصطناعي مكمل للذكاء البشري

في النهاية برأيي الشخصي، أن الذكاء الاصطناعي هو عنصر مكمل للعقل البشري وليس أداة بديلة. ويمكن العمل على استخدام العنصرين معاً في مختلف البيئات لخدمة البشرية. ووفقا لهذه المعطيات. نعتقد أن تقنية الاتصال ثنائي الاتجاه بين الدماغ والحاسوب، التي تمكن الأجهزة الإلكترونية من مخاطبة الدماغ البشري وفهم الإشارات الصادرة عنه باستمرار خلال مسار التعلم، ربما تكون خطوة ضرورية لتقليص الهوة بين الدماغ والحاسوب. والجدير بالذكر أن تحقيق هذا التأقلم يعد الهدف المقبل لمراكز البحث، وهو المطلوب من الذكاء الاصطناعي ككل. 

أظهر الذكاء الاصطناعي بالفعل إمكانات كبيرة في مختلف القطاعات. ووجوده يحل الكثير من المشاكل في محتلف القطاعات. مع استمرار تطوره  وتحسينه. من المرجح أن يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر تعقيدًا وقدرة على تقديم العون والمساعدة. ومع ذلك ، فإن مسألة ما إذا كان بإمكان الذكاء الاصطناعي أن يكرر الذكاء البشري حقًا هو سؤال مفتوح للنقاش.